روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | يزيد.. ودم الحسين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > يزيد.. ودم الحسين


  يزيد.. ودم الحسين
     عدد مرات المشاهدة: 2742        عدد مرات الإرسال: 0

أدى استشهاد الحسين بن علي-رضي الله عنهما- في العاشر من محرم سنة 61هـ إلى فتن عظيمة في تاريخ الأمة وحاضرها؛ إذ تحول الخلاف السياسي بين أبنائها إلى انقسام عقائدي وطائفي، أدخلها في صراعات عبر التاريخ أدت إلى قتل ملايين المسلمين.
 
وسبب هذا التحول هو إصرار الشيعة على تحميل يزيد مسئولية قتل الحسين، والجهر بسبِّه وسب أبيه، وسب الصحابة الكرام، والتذكير المستمر بهذه الحادثة الأليمة، وإحيائها في كل سنة بطقوس تثير النفوس والأحقاد بين أبناء الأمة الواحدة.

ولو كان حب الإسلام هو الذي يدفعهم إلى إحياء ذكرى استشهاده باللطم والبكاء والسب واللعن، لفعلوا ذلك في ذكرى استشهاد أبيه علي، وزوج أخته عمر.

وزوج خالته عثمان رضي الله عنهم جميعًا، وهم أفضل من الحسين، لكنها المكاسب السياسية والطائفية التي لا تخدم إلا الأعداء، ولا تحقق إلا أهدافهم في فرقة الأمة.
 
وقد ملأ الشيعة كتب التاريخ بروايات كاذبة، شوَّهت الحقيقة، وحمّلت يزيد دم الحسين، وقد تأثر بهذه الروايات كثير من مثقفي المسلمين وعوامهم على اختلاف مذاهبهم، وسوف أسوق فيما يأتي بعض الروايات التي تبرئ يزيد من دم الحسين؛ توضيحًا للحقيقة.

واستفادة من أخطاء جسيمة قدرها الله تعالى ليعتبر أولو الألباب، وحتى تخف حدة العداوة والبغضاء بين أبناء الأمة الواحدة، وقد اعتمدت فيها على أصح الروايات والمصادر.
 
أولًا:

حاول شيعة العراق أن يقنعوا الحسين بالخروج على خلافة معاوية، من خلال رسائل كثيرة بعثوها إليه، لكنه لم يستجب، وكان معاوية محسنًا للحسين ولآل البيت جميعًا، فسلمت الأمة من الفتن، ونعمت بالوحدة والقوة والفتوح والانتصارات.
 
ثانيًا:

توفي معاوية سنة 60هـ، فأعطت الأمة البيعة ليزيد، فبعث إلى والي المدينة، وطلب منه أن يأخذ البيعة من الحسين وابن الزبير، فاستمهلاه ولم يبايعا، "وخرجا من ليلتهما إلى مكة، فلقيهما ابن عباس وابن عمر قادمين من مكة، فسألاهما ما وراءكما؟

قالا: موت معاوية والبيعة ليزيد. فقال لهما ابن عمر: اتقيا الله ولا تفرقا جماعة المسلمين". لكن رسائل أهل العراق توالت على الحسين في مكة، تفيض حماسة وعاطفة، وتدعوه للقدوم إليهم؛ ليعطوه البيعة بالخلافة.

وتحت إلحاحهم، وقناعته أنه يخدم الإسلام وأهله، قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليستطلع الموقف، وقال له: "سِر إلى أهل الكوفة، فإن كان حقًّا ما كتبوا به عرفتني حتى ألحق بك".
 
ثالثًا:

أخذ مسلم بيعة كثير من أهل الكوفة للحسين، لكن أحدهم وَشَى بمكان اختباء مسلم، فاعتقله واليها عبيد الله بن زياد، فلم يحرك الشيعة ساكنًا لنصرته، ثم أقدم على قتله؛ بحُجَّة أنه يدعو إلى الخروج على الخليفة.
 
رابعًا:

انخدع الحسين بالأخبار التي أرسلها إليه مسلم عن بيعة أهل الكوفة له، وقرر الخروج إلى الكوفة، فجاءه ابن عباس، وقال: "يا ابن عم، إني أعيذك بالله من ذلك، أخبرني رحمك الله، أتسير إلى قوم قد قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم؟

فإن كانوا قد فعلوا ذلك فسِرْ إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إلى الحرب والقتال، فلا آمن عليك أن يغرّوك ويكذبوك، ويخافوك ويخدعوك، وأن يُستنفروا إليك فيكونوا أشد الناس عليك. فقال له الحسين: إني أستخير الله وأنظر ما يكون".
 
وروى ابن كثير أن ابن عمر لما سمع بخروج الحسين إلى العراق، لحق به، فنهاه، وعندما أصر قال: "أستودعك الله من قتيل".

كما نهاه أبو سعيد الخدري، وقال: "إني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني، وما يكون منهم وفاء قط، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم نيات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف".
 
خامسًا:

حاصر جيش ابن زياد ومعظمه من الكوفة الحسين وأهله، ولم يتحرك أحد من الشيعة لنصرته، فقال الحسين: "إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور".

لكن ابن زياد أصرَّ على استسلام الحسين له، فدار قتال غير متكافئ أدى إلى استشهاد الحسين.
 
سادسًا:

يقول ابن العربي في (العواصم من القواصم): "نقل علاّمة الشيعة هبة الدين الشهرستاني ما رواه الجاحظ عن خزيمة الأسدي.

قال: رأيت نساء الكوفة يومئذ قيامًا يندبن متهتكات الجيوب، وسمعت علي بن الحسين، وهو يقول: يا أهل الكوفة، إنكم تبكون علينا، فمن قتلنا غيركم؟!".
 
سابعًا:

كان يزيد في دمشق على مسيرة شهر من كربلاء لا يعلم شيئًا عن وصول الحسين أو استشهاده، ويروي ابن قتيبة أنه لما أدخلوا رأس الحسين وأهله على يزيد بكى حتى كادت نفسه تفيض.

وبكى معه أهل الشام حتى علت أصواتهم. وقال لحامله: "لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله عبيد الله!

أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين! ثم أمر بإنزال أهله في داره، وأمر لهم بما يصلحهم، وكان لا يتغذى ولا يتعشى إلا عليٌّ معه، ثم جهزهم وسيَّرهم إلى المدينة مع أناس صالحين.

ولما أرادوا الخروج دعا عليًّا فودعه، وقال: أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة إلا أعطيتها إياه، ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت، ولو بذلت بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، فكاتِبني، وأنْهِ إليَّ كل حاجة تكون لك".
 
ثامنًا: ظل علي بن الحسين على علاقة حسنة بيزيد، وكان يقبلُ صِلاته، ويثني عليه، ولم يشارك في خروج أهل المدينة، ولو علم أنه مسئول عن قتل أبيه لكان منه غير ذلك.
 
رحم الله الحسين رحمة واسعة، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
 
الكاتب: د. خالد الخالدي

المصدر: موقع فلسطين أون لاين